المدونة

المساواة في القرآن
Featured

المساواة في القرآن

ترتكز إحدى الأفكار المحورية الرئيسية في الإسلام على مبدأ المساواة أو الإنصاف1، حيث يؤكد الدين الحنيف على أن الله سبحانه وتعالى ينظر إلى جميع الخلق على أنهم سواسية حتى وإن لم تتطابق أحوالهم، فرغم التفاوت في المظاهر، والثروات، والطموحات، والقدرات، وغير ذلك من الأوجه الأخرى، إلا أن هذه الاختلافات في حد ذاتها ليست ذريعة لتفضيل شخص على آخر.

ويرد في القرآن الكريم، كتاب الله المعجز عند المسلمين، أن الرجال والنساء سواسية في العبادات، حيث يقول الحق في محكم كتابه:

"وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا"2 (النساء: 124).

ومن ثم نخلص من هذه الآية إلى أن النساء والرجال تقع على عاتقهما الواجبات والمسؤوليات الدينية والأخلاقية ذاتها، وبناء عليه فإن كليهما يحملان إثم أي معاصٍ يرتكبونها3.

"فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ…."(آل عمران: 195).

وفي الحقيقة، فإن القرآن الكريم لم ينصّ مطلقًا على أفضلية جنس على الآخر؛ فمثلًا يخطئ البعض في تفسير كلمة "القوامة" أو تحمل مسؤولية الأسرة على أنها استعلاء على الآخر3، إلا أن القرآن يُجلي المسألة موضحًا أن الوجه الوحيد الذي يستند إليه الحكم بأفضلية شخص على آخر هو التقوى والصلاح دون سواهما، حيث يقول الله تعالى:

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"5 (الحجرات: 13). 

وإلى جانب ما سبق، فإن للمرأة المسلمة ضمانات مالية أكبر، حيث يحق لها الحصول على العطايا الزوجية والاحتفاظ بأملاكها وأموالها التي في حوزتها حاليًا وما تحوزه في المستقبل لأمانها الشخصي، ولا تُلزَم أي امرأة متزوجة بإنفاق أي شيء من أموالها على أسرتها، وهي مستحقة لتلقي الدعم المالي الكامل طوال زواجها. وتنال المرأة المسلمة الدعم في العموم طوال مراحلها العمرية، سواء بصفتها ابنة، أو زوجة، أو والدة، أو أختًا. ويتحقق التوازن بين ما تناله من أفضلية في هذا الجانب على الرجال من خلال أحكام المواريث التي تقضي للذكر في أغلب الحالات بأن يرث ضعف الأنثى، وفي حين أن هذا يعني تفوق الرجل على المرأة في مقدار ما يرثه، إلا أنه مسؤول ماليًا عن الإناث الأخريات في عائلته كبناته، وزوجاته، ووالدته، وأخواته. إذن، فنصيب الأنثى في الميراث أقل، ولكنها تحتفظ بمالها كله للاستثمار ولأمانها المالي دون وقوع أي التزام شرعي عليها بإنفاق أي جزء منه، حتى ولو كان لإعالة نفسها3.

لا يُحدد القرآن أدوار النوع الاجتماعي للنساء، غير أن ممارسات المسلمين المعاصرة تفعل ذلك غالبًا، ويُعزى هذا نوعًا ما إلى أن الرجال والنساء يُمنحان حقوقًا مختلفة، ويُرجى منهما توقعات ثقافية متفاوتة في بعض الأحيان. وبغض النظر عن ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الإسلام نظر المرأة على قدم المساوة مع الرجل، وأرسى حقوقها وكرّمها على مدار ما يفوق 1400 عامًا، أي حتى قبل قرون من ظهور فكرة المساواة بين الجنسين في الدول الغربية6. وبصفتنا شعوبًا مسلمة، لا يزال أمامنا طريق طويل لترسيخ ما أصّله القرآن الكريم، ولعل الأعراف والعادات الموروثة السائدة التي تَحُول دون إعلاء حقوق المرأة هي السبب وراء ذلك.

 

المراجع

1. Equality in Islam. (n.d.). Islamweb. Retrieved February 16, 2023, from https://www.islamweb.net/en/article/109364/equality-in-islam

2. Surah An-Nisa—124. (n.d.). Quran.Com. Retrieved February 26, 2023, from https://quran.com/an-nisa/124

3. Gender Equity in Islam. (n.d.). Retrieved February 26, 2023, from https://www.iium.edu.my/deed/articles/genderequityinislam.html

4. Surah Ali ’Imran—1-200. (n.d.). Quran.Com. Retrieved February 26, 2023, from https://quran.com/ali-imran

5. Surah Al-Hujurat—1-18. (n.d.). Quran.Com. Retrieved February 26, 2023, from https://quran.com/al-hujurat

6. Islam, M. (2019, February 23). Concept of Gender equality in Islam.

Change Language